فلما قال رســــــــــول الله صلى الله عليه وسلم : من جرّ ثوبه
خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة . قال أبـــــــــو بكر : إن
أحد شقي ثوبي يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه فقال رســــــول
الله صلى الله عليه وســـــــــــــلم : إنك لست تصنع ذلك خيلاء رواه البخاري في فضائل أبي بكر رضي الله عنه .
• ومن فضائله رضي الله عنه أنه يُدعى من أبواب الجنة كلها
قال عليه الصلاة والسلام : من أنفق زوجين من شيء من الأشـــياء
في سبــــــــيل الله دُعي من أبواب الجنة : يا عبد الله هـــــذا خير؛
فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ، ومن كان مــن أهل
الجهاد دُعي من باب الجهاد،ومـــن كان من أهل الصدقة دُعي من باب
الصدقة،ومن كان من أهل الصيام دُعي من باب الصيام وباب الريان .
فقال أبو بكر : ما على هذا الذي يدعى من تلك الأبواب من ضرورة ،
فهل يُدعى منها كلها أحد يا رسول الله ؟ قال : نعم ، وأرجــــــــو أن
تكون منهم يا أبا بكر . رواه البخاري ومســــــــــــــــــــــــــــــــلم .
• ومن فضائله أنه جمع خصال الخير في يوم واحد
روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
مـــن أصبح منكم اليوم صائما ؟
قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا .
قال : فمن تبع منكم اليوم جنازة ؟
قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا .
قال : فمن أطعم منكم اليوم مسكينا ؟
قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا .
قال : فمن عاد منكم اليوم مريضا ؟
قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
ما اجتمعن في امرىء إلا دخل الجنة .
• ومن فضائله رضي الله عنه أن وصفه رجل المشركين بمثل ما
وصفت خديجة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
لما ابتلي المسلمون في مكة واشتد البلاء خرج أبو بكر مهاجراً قِبل الحبشة حتى إذا بلغ بَرْك الغماد لقيه ابن الدغنة وهو سيد القارَة ،فقال :أين تريد يا أبا بكر ؟ فقال أبو بكر : أخرجني قومي فأنا أريد أن أسيح في الأرض فأعبد ربي . قال ابن الدغنة : إن مثلك لا يخرج ولا يخرج فإنك تكسب المعدوم وتصل الرحـــــــم وتحمل الكَلّ وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق ، وأنا لك جار فارجع فاعبد ربــــــك ببلادك ،فارتحل ابن الدغنة فرجع مع أبي بكر فطاف في أشراف كفار قريش فقال لهم: إن أبا بكر لا يَخرج مثله ولا يُخرج ، أتُخرجون رجلا يكسب المعدوم ويصل الرحمو يحمل الكل ويقري الضيف ويعين على نوائب الحـــق؟! فأنفذت قريش جوار ابنالدغنة وآمنوا أبا بكر وقالوا لابن الدغنة :مُر أبا بكر فليعبد ربــــه في داره فليصل وليقرأ ما شاء ولا يؤذينا بذلك ولا يستعلن به ،فإنا قد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا قال ذلك ابن الدغنة لأبي بكر فطفق أبو بكر يعبد ربه في داره ولا يستعلن بالصلاة ولا القراءة في غير داره ، ثم بدا لأبي بكر فابتنى مسجدا بفناء داره وبرز فكان يصلي فيه ويقرأ القرآن فيتقصف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يعجبون وينظرون إليه وكان أبو بكر رجـــــلاً بكّاءً لا يملك دمعه حين يقرأ القرآن فأفزع ذلك أشراف قريش مــــــــن المشركين فأرسلوا إلى ابن الدغنة فقدم عليهم فقالوا له : إنا كنا أجرنا أبا بكر على أن يعبد ربه في داره وإنه جاوز ذلك فابتنى مسجدا بفناء داره وأعلن الصلاة والقراءة وقد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا فأته فإن أحـــب أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل وإن أبى إلاّ أن يعلن ذلك فَسَلْهُ أن يرد إليك ذمتك فإنا كرهنا أن نخفرك ، ولسنا مقرين لأبي بكر الاستعلان . قالت عائشة فأتى ابن الدغنة أبا بكر فقال : قد علمت الذي عقدت لك عليه فإما أن تقتصر على ذلك وإما أن ترد إلي ذمتي فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت في رجــــــــل عقدت له قال أبو بكر : إني أرد إليك جوارك وأرضى بجوار الله . رواه البخاري .
وكان عليّ رضي الله عنه يعرف لأبي بكر فضله
قال محمد بن الحنفية : قلت لأبي – علي بن أبي طالب رضي الله عنه - :
أيالناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : أبو بكر . قلت :
ثم مــن ؟ قال : ثم عمر ، وخشيت أن يقول عثمان قلت : ثم أنت ؟ قال :
ما أنا إلا رجل من المسلمين . رواه البخاري .
وقال عليّ رضي الله عنه : كنت إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه
وسلم حديثا نفعني الله به بما شاء أن ينفعني منه ، وإذا حدثني غيره
استحلفته ،فإذا حلف لي صدقته، وحدثني أبو بكر وصدق أبو بكر.قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:ما من عبد مؤمن يذنب ذنبا فيتوضأ
فيحسن الطهور ثم يصلي ركعتين فيستغفر الله تعالى إلا غفر الله له ثم تلا:
( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم )الآية رواه أحمد وأبو داود.
ولم يكن هذا الأمر خاص بعلي رضي الله عنه بل كان هذا هو شأن بنِيـه
قال الإمام جعفر لصادق : أولدني أبو بكر مــــــــــــــــــــــــــــــرتين .
وسبب قوله : أولدني أبــــــو بكر مرتين ، أن أمَّه هي فاطمة بنت القاسم
بن محمد بن أبي بكر،وجدته هي أســـــماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر.
فهو يفتخر في جّـــــــــــــــــــدِّه ثم يأتي من يدّعي اتِّباعه ويلعن جدَّ إمامه ؟
قال جعفر الصادق لسالم بن أبي حفصة وقد سأله عن أبي بكر وعمر ،
فقال : يا ســـالم تولَّهُما ، وابرأ من عدوهما ، فإنهما كانا إمامي هدى ،
ثم قال جعفر : يا سالم أيسُبُّ الرجل جده ؟ أبــــــــــــــــــو بكر جدي ،
لا نالتني شفاعة محمد صلى الله عليه وســـــــــــــــــــلم يوم القيامة
إن لم أكن أتولاهما وأبرأ من عدوهمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا .
وروى جعفر بن محمد – وهـــــــــــو جعفر الصادق - عـن أبيه –
وهو محمد بن علي بن الحسين بن علي–رضي الله عنهم أجمعين
قال : جـــــــــــاء رجل إلى أبي–يعني علي بن الحسين،المعروف
والمشهور بزين العابدين - فقال : أخبرني عن أبي بكر ؟ قال :
عن الصديق تسأل ؟ قال : وتسميه الصديق ؟! قال : ثكلتك أمك ،
قد سماه صديقا من هو خير مني ؛ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم
والمهاجرون والأنصار ، فمن لم يُسمه صدِّيقا ، فلا صدّق الله قوله ،
اذهب فأحب أبا بكر وعمر وتولهما ، فما كان من أمـر ففي عنقي .
ولما قدم قوم من العراق فجلسوا إلى زين العابدين ، فذكروا أبا بكر
وعمر فســـــــــــبوهما ، ثم ابتـركوا في عثمان ابتـراكا ، فشتمهم .
وابتركوا : يعني وقعوا فيه وقوعاً شــــــــــــــــــــــــــــــــــــــديداً .
وما ذلك إلا لعلمهم بمكانة وزيري رسول الله صلى الله عليه وســــــلم ،
وبمكانة صاحبه في الغار ، ولذا لما جاء رجل فســــأل زين العابدين :
كيف كانت منزلة أبي بكروعمرعند رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
فأشار بيده إلى القبر ثم قال : لمنزلتهما منه الســــــــــــــــــــــــــاعة .
قال بكر بن عبد الله المزني رحمه اللـــــــــــه : ما سبقهم
أبو بكر بكثرة صلاة ولا صيام ، ولكن بشيء وَقَـرَ في قلبه .
وقال شيخ الإســــــــــــــــــــــــــــــــــلام ابن تيمية رحمه الله :
وجمـــــع بيت أبي بكر وآل أبي بكر من الفضائل الجمة الشيء الكثير
الذي لم يجمعه بيت في الإسلام فقد كان بيت أبي بكر رضــي الله عنه
في خدمة النبي صلى الله عليه وســـــــلم ، كما في الاستعداد للهجرة ،
ومـــا فعله عبد الله بن أبي بكر وأخته أسماء في نقل الطعام والأخبار
لرســـــــــــــــــــــــــــول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه في الغار
وعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم هي بنت أبي بكر رضي الله عنهما
قال ابن الجوزي رحمه الله :
أربعة تناسلوا رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم :
أبو قحافة ...وابنه أبو بكر....وابنه عبد الرحمن ...وابنه محمد
أعماله :
من أعظم أعماله سبقه إلى الإسلام وهجرته مع النبي صلى الله عليه وســـــــلم ، وثباته يوم موت النبي صلى الله عليه وسلم .
ومــــــن أعماله قبل الهجرة أنه أعتق سبعة كلهم يُعذّب في الله ، وهم : بلال بن أبي رباح ...، وعامر بن فهيرة ...، وزنيرة ، والنهدية وابنتها ...، وجارية بني المؤمل .....، وأم عُبيس .
ومن أعظم أعماله التي قام بها بعد تولّيه الخلافة حرب المرتدين فقد كان رجلا رحيما رقيقاً ولكنه في ذلك الموقف ، في مــــوقف حـــــرب المرتدينكان أصلب وأشدّ من عمر رضـي الله عنه الذي عُـرِف بالصلابة في الرأي والشدّة في ذات اللـــــــــــــــــــــــــه
روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : لما توفى النبي صلى الله عليه وســـلم واستُخلف أبو بكر وكفر مـــــن كفر مـــن العرب قال عمر : يا أبا بكر كيف تقاتل الناس وقـد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمِرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فمن قال لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفســــه إلا بحقه وحسابه على الله ؟ قال أبو بكر : والله لأقاتلن من فرق بين الصلـــــــاة والزكاة ، فإن الزكاة حق المال ، والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها . قال عمر: فو الله ما هو إلا أن رأيت أن قد شرح الله صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحــــــــــــــــــــــق .
لقد سُجِّل هذا الموقف الصلب القوي لأبي بكر رضي الله عنه حتى قيل : نصر الله الإســـــــــــــــــــلام بأبي بكر يوم الردّة ، وبأحمد يوم الفتنة .
فحارب رضي الله عنه المرتدين ومانعي الزكاة ، وقتل الله مسيلمة الكذاب في زمــــــــــــــــــــانه .
ومع ذلك الموقف إلا أنه أنفذ جيش أسامة الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم أراد إنفاذه نحو الشام .
وفي عهده فُتِحت فتوحات الشام ، وفتوحات العراق وفي عهده جُمع القرآن ، حيث أمر رضي الله عنه زيد بن ثابت أن يجمع القرآن
وكان عارفاً بالرجال ، ولذا لم يرضَ بعزل خالد بن الوليد ، وقال : والله لا أشيم سيفا سله الله على عدوه حتى يكون الله هو يشيمه . رواه الإمام أحمد وغيره .
وفي عهده وقعت وقعة ذي القَصّة ، وعزم على المسير بنفسه حتى أخذ عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه بزمام راحلته وقال له : إلى أين يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ أقول لك ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلميوم أُحد : شِـمْ سيفك ولا تفجعنا بنفسك . وارجع إلى المدينة ، فو الله لئن فُجعنا بك لا يكون للإسلام نظام أبدا ، فرجع أبو بكر رضي الله عنه وأمضى الجيش .
وكان أبو بكر رضي الله عنه أنسب العرب ، أي أعرف العرب بالأنساب .
زهـده :
مات أبو بكر رضي الله عنه وما ترك درهما ولا دينارا
عن الحسن بن علي رضي الله عنه قال : لما احتضر أبو بكر رضي الله عنه قال : يا عائشة أنظري اللقحة التي كنا نشرب مــــن لبنها والجفنة التي كـــــنا نصطبح فيها والقطيفة التي كنا نلبسها فإنا كنا ننتفع بذلك حين كنا في أمـــــــــر المسلمين ، فإذا مت فاردديه إلى عمر ، فلما مات أبـــــــــــو بكر رضي الله عنه أرسلتبه إلى عمر رضي الله عنه فقال عمر رضي الله عنه : رضـــــــــــي الله عنك يا أبا بكرلقد أتعبت من جاء بعدك .
ورعـه :
كان أبو بكر رضي الله عنه ورعاً زاهداً في الدنيا حتى لما تولى الخلافة خــرج في طلب الرزق فردّه عمر واتفقوا على أن يُجروا له رزقا مـــــــــــن بيت المال نظير ما يقوم به من أعباء الخلافة
قالت عائشة رضي الله عنها : كان لأبي بكر غلام يخرج له الخراج ، وكان أبو بكر يأكل من خراجه ، فجاء يوماً بشيء ، فأكل منه أبو بكر ، فقال لـه الغلام : تدري ما هذا ؟ فقال أبو بكر : وما هو ؟ قال : كنت تكهّنت لإنسان في الجاهلية وما أحسن الكهانة إلا أني خدعته ،فلقيني فأعطاني بذلك فهذا الذي أكلت منه ، فأدخل أبو بكر يده فقاء كل شيء في بطنه . رواه البخاري .
وفاته :
توفي في يوم الاثنين في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة من الهجرة ،
وه ابن ثلاث وستين سنة . فرضـــــــي الله عنه وأرضاه وجمعنا به