العجيبه Admin
عدد المساهمات : 815 نقاط : 2639 تاريخ التسجيل : 05/08/2009
| موضوع: *إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ 11/7/2012, 20:57 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
{ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ } يقول تعالى: { أَلَمْ تَرَ } بقلبك وبصيرتك كيف فعل بهذه الأمم الطاغية، وهي { إِرَمَ } القبيلة المعروفة في اليمن { ذَاتِ الْعِمَادِ } أي: القوة الشديدة، والعتو والتجبر. { الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا } أي: مثل عاد { فِي الْبِلَادِ } أي: في جميع البلدان [في القوة والشدة]، كما قال لهم نبيهم هود عليه السلام: { وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } . { وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ } أي: وادي القرى، نحتوا بقوتهم الصخور، فاتخذوها مساكن، { وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَاد } أي: [ذي] الجنود الذين ثبتوا ملكه، كما تثبت الأوتاد ما يراد إمساكه بها، { الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ } هذا الوصف عائد إلى عاد وثمود وفرعون ومن تبعهم، فإنهم طغوا في بلاد الله، وآذوا عباد الله، في دينهم ودنياهم، ولهذا قال: { فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ } وهو العمل بالكفر وشعبه، من جميع أجناس المعاصي، وسعوا في محاربة الرسل وصد الناس عن سبيل الله، فلما بلغوا من العتو ما هو موجب لهلاكهم، أرسل الله عليهم من عذابه ذنوبًا وسوط عذاب، { إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ } لمن عصاه يمهله قليلًا، ثم يأخذه أخذ عزيز مقتدر.
تاريخ المدينة :
إرَم ذات العماد هي مدينة عربية كانت مفقودة قبل عمليات البحث المستميتة للكشف عنها وقد كانت تعد من الأساطير بالنسبة لغير المسلمين، حيث أن المسلمين يؤمنون بوجودها بسبب ذكرها في القرآن الكريم. وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم، حيث ذكر أن سكانها كانوا من العرب البائدة من قبيلة عاد، ويذكر بعض الباحثين أن ملك هذه المدينة كان يدعى شدّاد بن عاد حيث أنه أراد أن يقيم الجنة الموعودة في الأرض، ويقال أن لهذا الملك أخ اسمه شديد بن عاد. ولكن في مطلع سنة1998 م تم اكتشاف مدينة إرم ذات العماد في منطقة الشصر في صحراء ظفار في عمان، ويبعد مكان الاكتشاف ما يقارب 150 كيلو متر شمال مدينة صلالة و80كيلو متر من مدينة ثمريت. وقد ذكرت مدينة إرم وسكانها قوم عاد في القرآن الكريم في أكثر من آية كما في قوله تعالى : إرم ذات العماد* التي لم يخلق مثلها في البلاد *(الفجر:6-. وجاء ذكر قوم عاد ومدينتهم إرم في سورتين من سور القرآن الكريم سميت إحداهما باسم نبيهم هود ( عليه السلام) وسميت الأخرى باسم موطنهم الأحقاف, وفي عشرات الآيات القرآنية الأخرى التي تضمها ثماني عشرة سورة من سور القرآن الكريم.
وفي تفسير ماجاء عن( قوم عاد) في القرآن الكريم نشطت أعداد من المفسرين والجغرافيين والمؤرخين وعلماء الأنساب المسلمين, من أمثال الطبري, والسيوطي, والقزويني والهمداني وياقوت الحموي, والمسعودي في الكشف عن حقيقة هؤلاء القوم فذكروا أنهم كانوا من( العرب البائدة) وهو تعبير يضم كثيرا من الأمم التي اندثرت قبل بعثة المصطفي( صلى الله عليه وسلم بمئات السنين, ومنهم قوم عاد, وثمود, والوبر وغيرهم كثير, وعلموا من آيات القرآن الكريم ان مساكن قوم عاد كانت بالأحقاف( جمع حقف أي: الرمل المائل), وهي جزء من جنوب شرقي الربع الخالي بين حضرموت جنوبا, والربع الخالي شمالا, وعمان شرقا، أي ظفار حاليا , كما علموا من القرآن الكريم ان نبيهم كــان سيدنا هود ( عليه السلام), وأنه بعد هلاك الكافرين من قومه سكن نبي الله هود أرض حضرموت حتي مات ودفن فيها قرب( وادي برهوت) إلى الشرق من مدينة تريم. أما عن( إرم ذات العماد) فقد ذكر كل من الهمداني( المتوفي سنة334 هـ/946 م) وياقوت الحموي( المتوفي سنة627 هـ/1229 م) أنها كانت من بناء شداد بن عاد واندرست( أي: طمرت بالرمال) فهي لاتعرف الآن, وإن ثارت من حولها الأساطير.
إرم في القرآن الكريم :
"ألمْ ترَ كيفَ فعلَ ربُكَ بعاد، إرمَ ذاتِ العماد، التي لم يُخْلَقْ مثلُها في البلاد" (سورة الفجر/6-. كما أن الله قد أرسل النبي هود لدعوة أهل هذه المدينة للإيمان. عاد كانوا قومًا لايعبدون الله، وحار العلماء والمفكرون والمؤرخون بأن يعرفوا حقيقة هذه المدينة حتى الآن. رُوِيَ في تفسيرِ هذه الآيةِ الكريمةِ أن مدينةَ "إرمَ"ذات العمادِ كانت في اليمنِ بين "حَضْرَمَوْتَ" و"صنعاءَ" من بناءِ "شدَّادِ بنِ عاد". وقومُ "عادٍ"هؤلاءِ كانوا طوالاً يصلُ طولُ الواحدِ منهم إلى اثني عشرَ ذراعًا في الهواءِ أي حوالي ستة أمتار، وكان "لعادٍ" هذا ابنانِ هما: "شدَّادٌ" و"شديدٌ"، فملَكا بعدَ والدِهما وتجبَّرا وظلما في البلاد، وأخذاها عُنوةً وقهْرًا. وإنهما لما صَفَا لهما ذلك واستقرَّ قرارُهما ماتَ "شديدٌ" وبقي "شدادٌ"، فأكملَ غزواتهِ حتى ملَكَ الدنيا، ودانتْ له ملوكُها. وكان شدادٌ جبارًا عنيدًا عابدًا للأصنامِ من دونِ اللهِ والعياذُ بالله تعالى، ومُولعًا بقراءةِ الكتبِ القديمةِ، كل ما مرَّ فيها على ذكرِ الجنةِ وما أعدَّ الله فيها لأوليائهِ من قصورِ الذهبِ والفضةِ والمساكنِ التي تجري من تحتِها الأنهارُ، كانت نفسُه الأمَّارةُ بالسوءِ تدعوهُ إلى أن يجعلَ مثل هذه الجنةِ له في الدنيا عُتُوًّا على اللهِ تعالى وكفرًا به. فقال لأمرائه:" إني مُتَّخذٌ في الأرضِ مدينةً على صفةِ "الجنة" فوكَّلَ بادىء الأمرِ مائةَ رجلٍ من وُكلائِهِ، تحتَ يدِ كلِّ رجلٍ منهم ألفٌ من الأعوانِ، وأمرَهم أن يفتِّشوا في أراضي اليمنِ ويختاروا أطيَبها تربةً، وأزكاها هواءً. ومكنَّهم من الأموالِ، وكتبَ إلى ملوكِهِ يأمُرهم أن يكتبوا إلى وُلاتِهِم في آفاقِ بلدانِهِم، أن يجمعوا كلّ ما في أراضيهم من الذهبِ والفضةِ والدرِّ والياقوتِ والمِسْكِ والعنبرِ والزعفرانِ ويوجِّهُوها إليه، وأمرَ الغوَّاصينَ أن يغوصوا في البحارِ ويستخرجوا الجواهرَ واللآلىءَ، فجمعوا له الشيءَ الكثيرَ، وحُمِلَ جميعُ ذلكَ إليه، ثم وجَّهَ الحفَّارينَ إلى مناجمِ الياقوتِ والزَّبرْجَدِ وسائرِ الجواهرِ فاستخرجوا منها شيئًا عظيمًا .
اختارَ الوُكلاءُ أرضًا طيبةَ التربةِ، سهلةَ الهواءِ، وأذنَ لهم "شدادٌ" بأن يبدأوا العملَ فيها لبناءِ جنتِه المزعومةِ، فأمرَ بالذهبِ والفضةِ وأُقيمت الجدرانُ منهما ثم غُلِّفَتْ تلك الحجارةُ الذهبيةُ والفِضيةُ بالدرِ والياقوتِ والعقيقِ، وجعلَ الأبنيةَ غُرَفًا من فوقِها تشبُّهًا بما سمعَ عن وصفِ الجنةِ، جاعلاً جميعَ ذلكَ على أعمدةٍ رُخاميةٍ عريضةٍ. ثم أجرى تحتَ المدينةِ قناةً عظيمةً ساقَها من الأوديةِ تحتَ الأرضِ بأربعينَ فرسخًا، ثم أمرَ فأُجريَ من تلكَ القناةِ، سَوَاقٍ صارتْ تمشي في سككٍ بينَ الشوارعِ والأزقَّةِ تجري بالماءِ الصافي، وأمرَ بحافَّتَي ذلك النهرِ وجميعِ السَّككِ، فطُلِيَتْ بالذهبِ الأحمرِ، وجعلَ الحصى المنثورةَ في قِيعانِها أنواعًا من الجواهرِ الفريدةِ الملونةِ الصفراءِ والحمراءِ والخضراءِ، ونصبَ على الضِفافِ أشجارًا من الذهبِ وعليها ثمارٌ من اليواقيتِ المشِعَّةِ. وجعلَ طولَ المدينةِ اثنى عشرَ فرسخًا وعرْضَها مثلَ ذلك وأعلى سُورَها كثيرًا حتى وصلَ إلى ثلاثمائةِ ذراعٍ من أحجارٍ عريضةٍ وطلاهُ بالذهبِ وزيَّنه بما ندرَ وجودُه من المعادنِ والحجارةِ الملونةِ الغاليةِ الثمنِ، وبنى فيها الألوفَ من القصورِ مزخْرِفًا بواطنَها وظواهرَها بأصنافِ الجواهرِ، ثم بنى لنفسِهِ في وسطِ المدينةِ على شاطىءِ ذلك النهرِ قصرًا مُنيفًا يشرفُ على تلكَ القصورِ كلِّها. وجعلَ بابَ المدينةِ مُتجهًا إلى الوادي ونصبَ عليهِ بابينِ من ذهبٍ منقوشَيْنِ بأنواعِ الدُررِ، وأمرَ باتخاذِ كُراتٍ صغيرةٍ على شكلِ البُندُقِ من مسكٍ وزعفرانٍ وأُلقيتْ في تلكَ الشوارعِ، ثم بنى خارجَ سورِ المدينةِ تلالاً كهيئةِ الجبالِ تضمُ الألوفَ من الأبراجِ المرتفعةِ في الهواءِ المبنيَّةِ بقطعِ الذهبِ والفضةِ ليسكنَها جنودهُ، ومكثَ في بنائِها خمسمائةِ عامٍ.
وإنَّ اللهَ تعالى لما أذِنَ أن يُقيمَ الحجَّةَ على "شداد" وقومِه، اختارَ لرسالتِه إليهِ سيدَنا "هودًا" عليهِ السلامُ وكان من صميمِ قومِه وأشرافِهم، ثم إن "هودًا" أتاهُ فدعاهُ إلى الإسلامِ والإقرارِ بربوبيةِ اللهِ عزَّ وجلَّ ووحدانيتِهِ وأن الله ليسَ كمثلِه شىءٌ، فتمادى "شدادٌ" في كفرِهِ وزيَّنَ لهُ "إبليسُ" ما فعلَ من بناءِ المدينةِ التي لم يخلق مثلها في البلاد فلم يَنْصَعْ لما أمرَه به "هودٌ" عليه السلام، وذلك حين تمَّ لملكِهِ سبعمائةِ عامٍ، فأُنذرَ بالعذابِ وخُوِّفَ بزوالِ الملْكِ، فلم يرتدعْ عمَّا كان عليه ولم يُجِبْ "هودًا" إلى ما دعاهُ إليه. وعادَ الوكلاءُ إلى "شدادٍ" وقد أنهوا بناءَ المدينةِ وأخبروهُ بالفراغِ منها، فعزمَ على الخروجِ إليها، فخرجَ في موكبٍ عظيمٍ بين حراسِهِ ومواليهِ وخَدَمِهِ وحَشَمِهِ ووزرائِهِ وأُمرائِهِ، وسارَ نحوَها وخلَّفَ على مُلْكِهِ "بحضرموتَ" وسائرِ أرضِ العربِ ابنَه "مَرْثَدَ بنَ شدادٍ" وكان "مرثدُ" هذا على ما يقالُ مسلمًا مؤمنًا بنبي اللهِ "هودٍ" عليه السلام. فلما قَرُبَ "شدادٌ" من المدينةِ وباتَ على مسيرةِ يومٍ وليلةٍ، وكان صارَ له من العمرِ تسعمائةِ عامٍ جاءتْ صيحةٌ عظيمةٌ من السماءِ فاجأتِ الجميعَ فماتَ هو وأصحابُهُ أجمعون، حتى لم يبقَ منهم ناقلُ خبرٍ، وماتَ جميعُ من كان بالمدينةِ من الفَعَلَةِ والصُنَّاعِ والوُكلاءِ، وبقيتْ خلاءً لا أنيسَ لها، وحُجبت عن أعين الناس. ولما هلكَ "شدادُ بنُ عادٍ" ومن معهُ من الصيحةِ، ملكَ بعدَهُ ابنهُ "مرثدُ بنُ شدادٍ" فأمرَ بحملِ أبيهِ من تلكَ الصحراءِ إلى "حضرموتَ" ليدفِنَه، فحُفرت له حفرةٌ بين الصخورِ وجُعلَ على سريرٍ من ذهبٍ وأُلقيتْ عليه سبعونَ حُلَّةً منسوجةً بقضبانِ الذهبِ التي لن ينتفعَ بدرهم منها لأنه ماتَ على غيرِ الإسلامِ، ووُضِعَ عند رأسِهِ لوحٌ عظيمٌ ذهبيٌ كُتِبَ به لسانُ حالِ "شدادٍ":
اعتبرْ يا أيها المغــــرورُ بالعمرِ المديدِ أنا شدَّادُ بنُ عادٍ صاحبُ الحصنِ المشيدِ وملكتُ الشرقَ والغَــربَ بســلطانٍ شديدِ فأتى هـــودٌ وكُنَّـــا في ضلالٍ قبلَ هــودِ فدعــانا لوقَبِـلنــا كانَ بالأمــرِ الرشـــيدِ فعصينـاهُ ونادى: "ما لكم؟ هل من محيـدِ" فـأتتــنا صيــحةٌ تهــوي من الأفـقِ البعيـدِ فتـوافَـيْنَــا كزرعٍ وَسْــطَ بيـــداءٍ حصيــدِ
تراثيات :
لما رأى النبي سليمان قصور شداد بن عاد المبنية بالذهب والفضة أمر الرمال بدفنها حتى لا يطغى
عرب اليوم وجنة شداد بن عاد:
ان الموروث الشعبي لعرب الجزيرة الحاليين يحوي قصصا واساطير جميلة عن الملك الطاغي صاحب الاموال الهائلة والجنة العجيبة شداد بن عاد, ومنها ان سليمان بن داود عليه السلام نادى نسرا هرما وقال له ايها النسر ان عمرك طويل جدا واظن انك عاصرت الكثير من الملوك الاقدمين فقال النسر: نعم لقد عاصرت الكثير ومنهم الملك شداد بن عاد ورأيت جنته فقال له سليمان: ايها النسر دلني على مكان جنة شداد بن عاد فأخذه النسر اليها ولما وصل اليها وجدها قد طمرت بالرمال فأمر نبي الله سليمان رياح النكباء بازالة الرمال عنها ولما ظهرت قصور شداد بن عاد المبنية بالذهب والفضة وظهرت جنته العجيبة الساحرة تعجب سليمان منها واندهش وأمر النكباء ان تعيد الرمال عليها وتدفنها كما كانت اولا حتى لا يطغى وينسى ربه.
وجاء في الحديث الشريف للنبي محمد صلى الله عليه وسلم :" لا تقوم الساعة حتى تعود ارض العرب مروجا وانهارا" ذكره الامام احمد بن حنبل في كتابه "المسند" والحاكم النيسابوري في كتابه "المستدرك على الصحيحين"ومعنى " تعود" اي ترجع كما كانت فيما مضى مروجا وانهارا.
******************
| |
|